المقالات

Author: أ. أريج السلمي

الأفكار الأجترارية وعلاقتها بالقلق والاكتئاب

5493

الاجترار: تعريفه وتأثيره النفسي:

الاجترار هو الانخراط في عملية تفكير سلبية متكررة تدور في الذهن بشكل دائري دون نهاية أو حلول واضحة. هذا النمط غالبًا ما يكون مزعجًا، ويصعب إيقافه، ويتضمن تكرار نفس الفكرة السلبية أو محاولة حل مشكلة غير قابلة للحل.

الطابع التكراري هو السمة الأساسية للاجترار. تدور نفس الأفكار أو المخاوف أو الأسئلة في الذهن مرارًا، وقد تستمر لساعات. وعلى عكس التفكير المنتج الذي يؤدي إلى حلول، فإن الاجترار يدور حول نفس القضايا دون إحراز تقدم.

وغالبًا ما تبدأ هذه الأنماط بأسئلة تبدأ بـ “لماذا؟”، مثل:

  1. “لماذا حدث هذا لي؟”
  2. “لماذا لا أستطيع حل هذا؟”
  3. “لماذا أرتكب نفس الأخطاء دائمًا؟”
    هذا النوع من الأسئلة التحليلية والتجريدية يُغذي المزيد من الاجترار بدلًا من الوصول إلى حلول عملية.

أولًا: الاجترار والاكتئاب:

كيف يتفاعل الاجترار مع الاكتئاب؟

أظهرت الأبحاث أن الاجترار يُعد أحد أبرز العوامل التي تساهم في تطوّر الاكتئاب واستمراره. عند دخول الشخص في نوبة اكتئاب، يبدأ عقله في الدوران داخل حلقة من التفكير السلبي حول مواقف سابقة، مشاعر العجز، وانعدام الأمل تجاه المستقبل. وهذا بدوره يعزز الشعور باليأس والعجز، مما يطيل أمد الحالة الاكتئابية.

الدائرة المفرغة: الاكتئاب يُغذي الاجترار، والاجترار يُغذي الاكتئاب:

الباحثون يرون أن العلاقة بين الاجترار والاكتئاب علاقة تبادلية. فالشخص المكتئب يصبح أكثر ميلًا لاجترار الأفكار السلبية، وهذا الاجترار يعمّق الشعور بالاكتئاب ويطيل فترته، وكلما طالت فترة التفكير المفرط بهذه الطريقة، زادت حدة الأعراض.

 

ثانيًا: الاجترار والقلق:

الاجترار كعامل رئيسي في القلق المزمن:

القلق وخاصة اضطراب القلق العام، يرتبط بشكل وثيق بالاجترار، لكن الفرق هنا هو أن الشخص القَلِق يركز أكثر على المستقبل، ويخشى حدوث أمور سلبية. الاجترار هنا يأخذ شكل القلق المستمر بشأن مواقف مستقبلية، واحتمالات حدوث الكوارث، مما يخلق شعورًا دائمًا بعدم الأمان.

الاجترار الاجتماعي:

يمكن أن تكون المواقف الاجتماعية محفّزة بشكل خاص للاجترار، حيث يعيد الكثيرون استعادة المحادثات في أذهانهم، يفكرون فيما قالوه أو لم يقولوه، ويقلقون بشأن كيف رآهم الآخرون. هذا النوع من الاجترار الاجتماعي يكون بارزًا خاصة لدى من يعانون من القلق الاجتماعي.

آثار الاجترار على الصحة النفسية والجسدية:

  • اضطراب النوم: التفكير المتكرر يمنع العقل من الاسترخاء، مما يؤدي إلى الأرق أو النوم غير المريح، وبالتالي يُفاقم الشعور بالتعب والإجهاد العقلي.
  • زيادة التوتر الجسدي: الاجترار يزيد من التوتر العضلي، خاصة في الرقبة والفك والكتفين، ما يسبب الصداع وآلامًا مزمنة.
  • الإجهاد البيولوجي: الاجترار المزمن يُنشّط محور الضغط في الجسم (HPA axis)، مما يؤدي إلى ارتفاع هرمون الكورتيزول وزيادة الالتهاب، وهذا بدوره يضعف المناعة وقد يؤثر على القلب والجهاز الهضمي.

طرق فعالة لكسر حلقة الاجترار:

  • فيما يلي بعض الطرق التي يقترحها المتخصصون في الصحة النفسية والتي يمكنك اتباعها بنفسك للمساعدة في كسر دائرة الاجترار:
  • كتابة الأفكار يمكن أن تساعدك في تهدئة التفكير أو رؤية الأمور من زاوية جديدة.
  • اداء أنشطة تقطع سلسلة التفكير السلبي وتركّز على ذكريات إيجابية.
  • حاول أن تتذكر عمدًا أوقاتًا تغلبت فيها على تحديات ونجحت رغم الصعوبات للمساعدة على تغيير مسار التفكير.
  • النشاط البدني وتغيير البيئة، خاصة الذهاب إلى أماكن لها ارتباطات إيجابية في ذاكرتك، يمكن أن يساعد أيضًا.
  • قسّم مشكلاتك الكبيرة إلى أجزاء صغيرة، وركز على حل جزء واحد في كل مرة، ضع خطة خطوة بخطوة، واكتبها، ثم ابدأ في تنفيذها، بخطوات صغيرة ومدروسة.

 العلاج النفسي: تدخل فعّال وعلمي:

أحد أكثر أشكال العلاج فعالية في مواجهة الاجترار هو العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، الذي يساعد على تعديل التفكير السلبي، وهناك شكل متخصص منه يُعرف باسم العلاج المعرفي السلوكي الموجّه للاجترار (RF-CBT)، يركّز على تغيير نمط التفكير نفسه وليس فقط محتوى الأفكار. كذلك، يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء، والممارسات السلوكية الأخرى في تخفيف الاجترار.

متى يجب طلب المساعدة؟

يجب التحدث إلى طبيب أو مختص نفسي إذا:

  • أصبحت الأفكار الاجترارية يومية وتؤثر على التركيز أو المزاج أو الأداء.
  • لا يستطيع الشخص السيطرة عليها إلا من خلال طقوس معقدة.
  • تزداد أعراض الحالة النفسية سوءًا.
  • تتضمن الأفكار الاجترارية ميولًا انتحارية أو إيذاء الذات.

الاجترار هو عملية ذهنية مؤذية قد تساهم في تكوين الاكتئاب أو القلق أو إبقائهما لفترة طويلة. ورغم طبيعته المعقدة، إلا أن التعامل معه ممكن من خلال الفهم، والملاحظة الذاتية، واتباع تقنيات التغيير الذهني والسلوكي. في حال عدم التحسن، فإن التوجه لمختص نفسي هو خطوة شجاعة وأساسية نحو حياة أكثر صفاءً ومرونة نفسية.

التشخيص الفارق: اضطراب الشخصية الحدية-اضطراب ثنائي القطب

83948

مقدمة:

غالبًا ما يتم الخلط بين اضطراب الشخصية الحدية (BPD) واضطراب ثنائي القطب (BD)، فكلا الاضطرابين يتّسمان بتقلبات حادة في المزاج، لكنهما يختلفان بشكل جوهري من حيث العوامل المسببة، الأعراض، وطريقة العلاج.

اضطراب الشخصية الحدية (BPD):

  • هو اضطراب يتسم بوجود نمط من العلاقات غير المستقرة والحادة (قد ينتقل الشخص من حب شديد لشخص ما في لحظة إلى كرهه في اللحظة التالية)، كما يوجد محاولات يائسة لمنع شخص ما من مغادرته أو التخلي عنه.
  • صورة ذاتية غير مستقرة تتسم بتغيرات متطرفة ومتكررة (قد يتنقل بين ثقة عالية بالنفس وانعدام شديد لتقدير الذات).
  • سلوكيات متهورة قد تؤدي إلى إيذاء النفس، مثل الإنفاق المفرط، العلاقات الجنسية غير الآمنة، تعاطي المخدرات، القيادة المتهورة، أو نوبات الأكل الشره.
  • نمط من السلوك الانتحاري أو إيذاء النفس.
  • نوبات شديدة من الحزن أو القلق تدوم لساعات وغالبًا لا تتجاوز بضعة أيام.
  • غالبًا ما يشعر بالفراغ (مثل الشعور بالملل، أو الإحساس بعدم وجود معنى أو هدف للحياة).
  • غضب شديد يفوق حجم الموقف، أو مشاكل في التحكم بالغضب (مثل الدخول في شجارات جسدية متكررة، نوبات غضب مستمرة).
  • أفكار عابرة من جنون الارتياب أو مشاعر ناتجة عن التوتر (قد يعتقد أن الآخرين لديهم نوايا سيئة تجاهه أو يخططون ضده) أو الشعور بعدم الواقعية أو الانفصال عن الذات أو العالم.
  • كما ان المشاعر الشديدة والسلوكيات الاندفاعية ليست سهلة السيطرة أو الكبح لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، وقد تكون العلاقات مع العائلة والأصدقاء متوترة ومرهقة بسبب تقلباتهم المزاجية الشديدة، ويُظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية حبًا أو تقديرًا شديدًا لشخص ما، لكنه قد يتحول بسرعة إلى غضب أو كراهية شديدة.

اضطراب ثنائي القطب (BD):

  • اضطراب نفسي يتميز بفترات او نوبات دورية من الانفعالات العاطفية الشديدة التي تؤثر على مزاج الشخص وطاقته وقدرته على أداء وظائفه اليومية، تُعرف هذه الفترات باسم نوبات المزاج، وقد تستمر من عدة أيام إلى عدة أسابيع.
  • تنقسم نوبات المزاج إلى نوعين:
  • نوبات الهوس أو الهوس الخفيف، حيث يكون المزاج السائد مبتهجًا بشكل مفرط أو سريع الانفعال.
  • نوبات الاكتئاب، حيث يكون المزاج حزينًا بشدة أو تختفي القدرة على الشعور بالمتعة أو الفرح.
  • غالبًا ما يمر الأشخاص المصابون بالاضطراب ثنائي القطب أيضًا بفترات يكون فيها مزاجهم طبيعيًا (محايدًا).
  • ومع العلاج المناسب، يمكن للأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب أن يعيشوا حياة كاملة ومنتجة.

أعراض اضطراب ثنائي القطب:

نوبة الهوس (Manic Episode):

نوبة الهوس هي فترة لا تقل عن أسبوع يشعر فيها الشخص بأنه مبتهج للغاية أو سريع الانفعال معظم اليوم في أغلب الأيام، ويملك طاقة أكثر من المعتاد، ويعاني من ثلاثة على الأقل من التغيرات التالية في السلوك:

  • انخفاض الحاجة إلى النوم (مثلاً: الشعور بالنشاط رغم النوم لساعات قليلة جدًا).
  • زيادة في سرعة الكلام.
  • تسارع في الأفكار أو الانتقال السريع من موضوع لآخر أثناء الحديث
  • سهولة التشتت.
  • زيادة في النشاط (مثل: القلق، أو العمل على عدة مشاريع في وقت واحد).
  • الانخراط في سلوكيات متهورة أو خطيرة (مثل: القيادة المتهورة، إنفاق المال باندفاع، أو الانخراط في علاقات جنسية غير آمنة).
  • يجب أن تمثل هذه السلوكيات تغيرًا واضحًا عن السلوك الطبيعي للشخص، وأن تكون ملحوظة من قبل العائلة أو الأصدقاء. كما يجب أن تكون شديدة بما يكفي للتأثير على العمل أو العلاقات أو الأنشطة الاجتماعية.
  • في كثير من الحالات، تتطلب أعراض الهوس العلاج في المستشفى لضمان سلامة الشخص.
  • خلال نوبات الهوس الشديدة، قد يعاني بعض الأشخاص أيضًا من تفكير غير منظم، أو معتقدات خاطئة، أو هلوسات، وتُسمى هذه الاعراض الذهانية.

نوبة الهوس الخفيف (Hypomanic Episode):

نوبة الهوس الخفيف تتصف بأعراض هوس أقل حدة، وتستمر لمدة أربعة أيام متتالية على الأقل بدلاً من أسبوع، أعراض الهوس الخفيف لا تسبب اضطرابات كبيرة في الوظائف اليومية كما هو الحال مع نوبات الهوس، لكنها قد تكون ملحوظة للآخرين.

نوبة اكتئاب جسيمة (Major Depressive Episode):

نوبة الاكتئاب الجسيمة او الكبرى هي فترة لا تقل عن أسبوعين يعاني فيها الشخص من حزن شديد أو يأس أو فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا، بالإضافة إلى أربعة على الأقل من الأعراض التالية:

  • الشعور بالذنب أو انعدام القيمة.
  • التعب أو فقدان الطاقة.
  • اضطرابات في النوم (زيادة أو قلة النوم).
  • تغير في الشهية (زيادة أو نقصان).
  • القلق الحركي (مثل: المشي المتكرر) أو بطء في الكلام أو الحركة.
  • صعوبة في التركيز.
  • أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.

الفرق بين اضطراب الشخصية الحدية واضطراب ثنائي القطب:

 

الأعراض

الشخصية الحدية

ثنائي القطب

التقلبات المزاجية

تغيرات سريعة في المزاج غالبا يومية

نوبات واضحة من الهوس والاكتئاب مع فترات استقرار

الاندفاعية

سمة ظاهرة منذ الطفولة أو المراهقة

تظهر في نوبات الهوس

الهوية

غير مستقرة

مستقرة

طبيعة العلاقات

علاقات غير مستقرة، مثقلة بالخوف من الهجر

علاقات مستقرة نسبيًا

سن ظهور الاضطراب

غالبا منذ البلوغ الباكر

غالبًا بين 12- 30 سنة

تقلبات صورة الذات

مرتبطة بالتفاعلات الاجتماعية

مرتبطة بعوامل داخلية مثل المزاج والدافعية

سلوكيات إيذاء الذات

يوجد غالبًا للتشتيت عن الألم العاطفي او للشعور بشيء ما

لا يوجد

تطور الاضطراب

يتحسن مع تقدم العمر

مزمن

خط العلاج الاول

جلسات العلاج نفسي

تدخل دوائي

الخلاصة:

يمثل التمييز بين اضطراب الشخصية الحدية واضطراب ثنائي القطب تحديًا، خصوصًا بسبب الأعراض المتداخلة مثل الاندفاعية، تقلب المزاج، ومحاولات الانتحار، يُعد أخذ تاريخ طبي مفصل، وفهم السياق العاطفي والاجتماعي للأعراض، والاستعانة بعائلة المريض من الأدوات الحاسمة للتشخيص الدقيق.

كما أن احتمال الترافق المرضي (comorbidity) بين الاضطرابين لا يجب إهماله، لأنه شائع جدًا.

 

المهارات التوكيدية: أداة فعالة لتعزيز العلاقات واحترام الذات

130007

 

1.المقدمة:

تُعد المهارات التوكيدية (Assertiveness Skills) من أهم المهارات الاجتماعية والنفسية التي تساعد الأفراد على التعبير عن آرائهم ومشاعرهم وحقوقهم بطريقة واضحة ومحترمة، دون انتهاك حقوق الآخرين. فهي تمثل توازناً بين الخضوع والعدوانية، وتُعد أساسًا للتواصل الفعّال، وبناء العلاقات الصحية، وتعزيز احترام الذات.

وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية (APA)، التوكيدية هي “اسلوب تواصل تكيفي يُعبِّر فيه الأفراد عن مشاعرهم واحتياجاتهم بشكل مباشر، مع المحافظة على احترام الآخرين”(APA Dictionary of Psychology, 2018).

2. أدوات المهارات التوكيدية:

أداة منظمة للتعبير عن الرغبات أو الرفض بطريقة فعالة:

  1. Describe – وصف الموقف بوضوح “
    صف الموقف الحالي (إذا لزم الأمر). التزم بالحقائق. أخبر الشخص بالضبط عمّا تَردُّ عليه.
    “أخبرتني أنك ستكون في المنزل وقت العشاء، لكنك لم تصل حتى الساعة الحادية عشرة.”
  2. Express – التعبير عن المشاعر “
    عبّر عن مشاعرك وآرائك بشأن الموقف. لا تفترض أن الشخص الآخر يعرف ما تشعر به.
    “عندما تأتي متأخرًا هكذا، أبدأ بالقلق عليك.”
    استخدم عبارات مثل “أنا أريد” بدلًا من “يجب أن تفعل”، و”أنا لا أريد” بدلًا من “لا ينبغي لك أن تفعل”.
  3. Assert – الطلب او الرفض بطريقة واضحة “
    أكد موقفك من خلال طلب ما تريده أو قول ‘لا’ بوضوح. لا تفترض أن الآخرين سيعرفون ما تريده. تذكّر أن الآخرين لا يستطيعون قراءة أفكارك.
    “سأكون ممتنًا حقًا لو اتصلت بي عندما تكون على وشك التأخير.”
  4. Reinforce – تعزيز أهمية الاستجابة “
    عزّز (كافئ) الشخص مسبقًا – إن صح التعبير – من خلال شرح الآثار الإيجابية للحصول على ما تريده أو تحتاجه. وإذا لزم الأمر، وضّح أيضًا العواقب السلبية لعدم الحصول على ما تريده أو تحتاجه.
    “سأشعر براحة كبيرة، وسيكون من الأسهل التعايش معي، إذا قمتَ بذلك.”
  5. Mindful – كن يقظًا “
    التركيز على الهدف وتجنب التشتت. تمسّك بموقفك. لا تخرج عن الموضوع. إذا قام الشخص الآخر بالهجوم، أو التهديد، أو حاول تغيير الموضوع، استمر في إعادة الحديث إلى وجهة نظرك. تجاهل الهجمات. تجاهل المشتتات.
  6. Appear Confident – الظهور بثقة “
    اظهر بمظهر الشخص الفعّال والواثق. استخدم نبرة صوت واثقة وطريقة جسدية تدل على الثقة؛ حافظ على تواصل بصري جيد. تجنب التلعثم، والهمس، والنظر إلى الأرض، أو التراجع.”
  7. Negotiate- التفاوض والمرونة “
    كن مستعدًا للعطاء من أجل الحصول. اقترح واطلب حلولًا أخرى للمشكلة. خفف من طلبك. قل ‘لا’، ولكن قدّم بديلاً، أو اقترح طريقة أخرى لحل المشكلة. ركّز على ما يمكن أن ينجح.
    ‘كيف يمكننا جعل هذا الأمر ينجح؟’

3. أمثلة تطبيقية:

  • في العلاقات الشخصية:
    التعبير عن عدم الرضا من سلوك معين دون اتهام الطرف الآخر.
  • في بيئة العمل:
    طلب تحسين ظروف العمل أو الاعتذار المهني بطريقة لبقة وواضحة.
  • في المواقف اليومية:
    رفض طلب غير مناسب من صديق بطريقة تحترم العلاقة.

المهارات التوكيدية ليست فقط أداة للتواصل، بل هي عنصر جوهري في الصحة النفسية والنجاح الاجتماعي، مع التدريب المستمر، والدعم العلاجي، والممارسة الواقعية تجعل من التوكيدية مهارة حياتية قابلة للتحقق والنجاح.

قلق الانفصال لدى الأطفال ورفض المدرسة

2150982141

المقدمة:

تُعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان، إذ تترك تأثيرًا بالغًا في تشكيل شخصية الطفل، وتكوينه النفسي وتؤدي الأسرة دورًا محوريًا في هذه المرحلة، حيث تؤثر طرق تعاملها مع الطفل سواء بالإفراط في الحماية أو بالإهمال أو الرفض على مدى توافقه النفسي. وقد تُسهم هذه الأساليب في ظهور اضطرابات نفسية مثل قلق الانفصال أو التعلق المرضي، خاصةً في السنوات الأولى من عمر الطفل، إذ تمثل له هذه المرحلة صدمة نفسية كبيرة تؤثر على قدرته على التكيف داخل بيئة المدرسة.

وغالبًا ما يظهر ذلك في شكل قلق واضطراب نتيجة غياب الإحساس بالأمان والطمأنينة، مما ينعكس على علاقاته مع الآخرين، وقد يمتد أثره ليؤثر على جوانبه التعليمية أيضًا.

ويعد اضطراب قلق الانفصال من اضطرابات القلق الاكثر شيوعًا عند الأطفال، ويظهر على شكل قلق مفرط وخوف شديد عند الانفصال عن شخص مرتبط به عاطفيًا، عادة أحد الوالدين أو مقدم الرعاية. بينما يعتبر القلق الانفصالي أمرًا طبيعيًا بين 6 و12 شهرًا، فإن تطور الاضطراب يكون في عمر أو سياق غير مناسب، ويؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والوظائف اليومية.

اولاً: ما هو قلق الانفصال؟

في الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية DSM–5–TR، اضطراب قلق الانفصال يتمثل في وجود خوف أو قلق مفرط وغير مناسب للعمر التطوري عند الانفصال عن المنزل أو عن الأشخاص المرتبط بهم الفرد عاطفيًا. يظهر القلق في شكل توقع مستمر للفقد أو الأذى لمن يحبهم، أو الخوف من أحداث غير متوقعة قد تؤدي إلى الانفصال، مثل الضياع أو الاختطاف. كما يتجلى في رفض متكرر للذهاب إلى المدرسة أو العمل، والخوف من البقاء بمفرده أو النوم بعيدًا عن الشخصيات المرتبطة به. وقد ترافقه كوابيس متكررة مرتبطة بالانفصال، إضافة إلى شكاوى جسدية مثل الصداع أو آلام المعدة أو الغثيان عند توقع الابتعاد. تسبب هذه الأعراض ضيقاً ذا دلالة إكلينيكية أو ضعفاً في الأداء الوظيفي.

ثانيًا: العوامل المسببة لقلق الانفصال لدى الأطفال:

تتعدد العوامل التي تساهم في ظهور قلق الانفصال عند الأطفال في سن المدرسة، وتشمل عوامل بيولوجية، ونفسية، واجتماعية. من الناحية البيولوجية، يلعب العامل الوراثي دورًا مهمًا، حيث تشير الدراسات إلى وجود استعداد وراثي للإصابة باضطرابات القلق. أما العوامل النفسية فتتضمن التعلم الشرطي للقلق، بالإضافة إلى أنماط التعلق غير الآمنة التي يطورها الطفل مع مقدمي الرعاية. وفي الجانب الاجتماعي، تساهم الأنماط المفرطة في الحماية أو النقد في زيادة القلق، كما تلعب ضغوط الحياة الخارجية دورًا، مثل وفاة أحد الأقارب، أو مرض الطفل، أو الانتقال إلى منزل أو مدرسة جديدة، مما يزيد من شعور الطفل بعدم الأمان عند الانفصال عن والديه أو مقدمي الرعاية.

ثالثًا: طرق التدخل والعلاج:

لعلاج قلق الانفصال عند الأطفال، تختلف الاستراتيجيات حسب شدة الأعراض. في الحالات الخفيفة، يكفي تقديم التثقيف والدعم الأسري، مع الحفاظ على روتين يومي منتظم يمنحهم شعورًا بالاستقرار ويؤكد أن كل شيء سيعود لطبيعته قريبًا، ويساعد الانفصال التدريجي على خفض القلق عن طريق التدرج حتى يعتاد الطفل على الموقف، بالإضافة لإعطاء الطفل فرصًا لخوض أنشطة بمفرده، مثل اللعب مع أطفال آخرين أو حضور صف جديد، يساعده على بناء ثقته بنفسه وقدرته على تحمل الانفصال.

أما العلاج الأولي الموصى به فهو العلاج الذهني السلوكي، الذي يركز على التعرض التدريجي للمواقف المثيرة للقلق وتعديل أنماط التفكير السلبية، عادةً يُجرى العلاج على شكل جلسات تتراوح بين 10 و15 جلسة، مدة كل منها 60–90 دقيقة، مع تطبيق المهارات المكتسبة في المنزل لتعزيز الفعالية.

 قد يكون قلق الانفصال عند الأطفال مزمنًا إذا لم يُعالج، بينما يحقق التدخل المبكر نتائج جيدة رغم احتمالية الانتكاس. تشمل المضاعفات المحتملة او عوامل الخطر التغيب عن المدرسة، ضعف الأداء الأكاديمي، ومشكلات في الذاكرة واللغة، بالإضافة إلى زيادة خطر اضطرابات الشخصية والميل الانتحاري. لذلك، يُعد تثقيف الوالدين حول أساليب التعزيز الإيجابي والسلبي والفحص المبكر للأطفال والمراهقين أمرًا مهمًا.

رابعًا: الوقاية:

 لا توجد طريقة مضمونة تمنع ظهور قلق الانفصال عند الأطفال، لكن هناك خطوات ممكن تساعد في الوقاية ومنع تفاقم الاعراض:

  • إذا لاحظت إن قلق طفلك أكبر من الطبيعي مقارنة بالأطفال في نفس عمره، من الأفضل طلب استشارة مختص بأسرع وقت. التشخيص المبكر والعلاج ممكن يقلل الأعراض ويمنع الوضع من التدهور.
  • الالتزام بخطة العلاج مهم جدًا، لأنه يقلل من احتمالية عودة القلق أو زيادة الأعراض.
  • إذا كنت أنت نفسك تعاني من القلق أو الاكتئاب أو أي مشكلة نفسية، حاول تطلب العلاج والدعم القائم على الأدلة. فعندما تتعلم طرق صحية للتأقلم، تقدر تنقلها لطفلك وتساعده يواجه مخاوفه بشكل أفضل.

ونحن في عيادات طمأنينة للتأهيل والعلاج النفسي نساعدك في ذلك فلا تتردد في التواصل معنا وطلب الاستشارة .

جودة الحياة

2148631043

مقدمة:

يمثل مفهوم جودة الحياة أحد المفاهيم المحورية في مجالات علم النفس، حيث يحظى باهتمام متزايد في الفروع النظرية والتطبيقية، خاصة في علم نفس الصحة وعلم النفس الإيجابي.
ويُنظر إليه كمعيار شامل لقياس رفاهية الإنسان من خلال تقييم مختلف جوانب حياته، مما يجعله أداة فعالة لفهم التفاعل بين الفرد والبيئة المحيطة به.

أولًا: مفهوم جودة الحياة

أشارت الأدبيات النفسية إلى أن جودة الحياة تتعلق بتقييم الفرد لخصائصه البدنية، النفسية، العقلية والاجتماعية، بالإضافة إلى مستوى توافقه مع ذاته ومع الآخرين.
حيث يرى معمرية (2020) أن جودة الحياة تعكس التوازن بين هذه الجوانب وتُعد مؤشرًا على صحة الفرد النفسية والاجتماعية.

في السياق ذاته، يؤكد عايش (2021) أن جودة الحياة تمثل تعبيرًا عن مستوى الرقي في الخدمات المادية والاجتماعية المقدمة لأفراد المجتمع، كما تعكس مدى إدراك الفرد لقدرة هذه الخدمات على تلبية احتياجاته الأساسية والمتقدمة.

ثانيًا: جودة الحياة كمفهوم متعدد الأبعاد

يتفق الباحثون على أن جودة الحياة ليست بُعدًا واحدًا، بل هي مفهوم متعدد الأبعاد، مما يستوجب أن تشمل أدوات قياسها كلًّا من المؤشرات الموضوعية (مثل الدخل، الصحة، والتعليم) والذاتية (مثل الرضا عن الحياة والشعور بالسعادة).

غير أن شالوك (Schalock) يرى أن هذا التقسيم قد يفتقر إلى المرونة، إذ إن بعض المتغيرات لا يمكن تصنيفها بدقة إلى فئات موضوعية أو ذاتية، وعليه اقترح نموذجًا أكثر شمولًا.

ثالثًا: نموذج شالوك (2004) لأبعاد جودة الحياة

قدم شالوك (2004) نموذجًا متكاملًا لتحليل جودة الحياة، اقترح فيه ثمانية أبعاد رئيسية، ولكل بعد ثلاثة مؤشرات محددة، على النحو التالي:

السعادة الانفعالية: الرضا، مفهوم الذات، انخفاض مستوى الضغوط النفسية

العلاقات بين الشخصية: التفاعل الاجتماعي، العلاقات الشخصية، الدعم الاجتماعي

السعادة المادية: الاستقرار المادي، العمل، ظروف المسكن

النمو الشخصي: التعليم، الكفاءة، الأداء الفردي

السعادة الجسدية: الصحة العامة، الأنشطة اليومية، أوقات الفراغ

تقرير المصير: الاستقلالية، القيم الشخصية، حرية الاختيار

الاندماج الاجتماعي: الترابط والمشاركة المجتمعية، الأدوار الاجتماعية، المساندة الاجتماعية

الحقوق البشرية: الحقوق الفردية، حقوق الجماعة، الالتزام بالقوانين والإجراءات القانونية

هذا النموذج يساهم في تقديم رؤية أكثر شمولًا وتكاملًا لجودة الحياة، ويرتبط ارتباطًا مباشرًا برفاهية الأفراد في مختلف البيئات والظروف.

‏لقطة الشاشة ١٤٤٦ ١٢ ٠٤ في ٣.١٤.٥٦ م

خاتمة:

في النهاية، يتضح أن جودة الحياة ليست مجرد مفهوم نظري أو علمي، بل هي تجربة إنسانية يعيشها كل فرد بشكل مختلف، تتأثر بالظروف النفسية والجسدية والاجتماعية التي يمر بها.
فحين يشعر الإنسان بالرضا عن صحته، وعلاقاته، وظروفه المعيشية، وفرصه في التعلم والعمل والمشاركة، يكون أقرب إلى حياة أكثر توازنًا وسعادة.

لقد ساعدنا نموذج شالوك على فهم هذه الجوانب بشكل أوضح، من خلال تقسيم جودة الحياة إلى أبعاد تشمل المشاعر، العلاقات، الاستقلالية، وحتى الحقوق. وهذا يجعلنا نُدرك أن تحسين جودة الحياة لا يتطلب تغييرات كبيرة دائمًا، بل يبدأ من الاهتمام بجوانب صغيرة تؤثر في راحتنا النفسية والجسدية.

إن العناية بجودة الحياة ليست رفاهية، بل ضرورة، سواء كنا أفرادًا نبحث عن التوازن، أو مجتمعات تسعى لدعم أعضائها. ولهذا، فإن نشر الوعي حول مفهوم جودة الحياة وتطبيقاته يمكن أن يسهم في بناء بيئة أكثر إنسانية، يُقدَّر فيها كل فرد، وتُحترم احتياجاته وتطلعاته.

المرجع:
السلمي، أريج عوض. (2024). جودة الحياة وقلق المستقبل لدى مرضى الفشل الكلوي الخاضعين للغسيل الكلوي وزارعين الكلى في ضوء بعض المتغيرات الديموغرافية. جامعة تبوك.

قلق المستقبل

1391

مقدمة:

أصبح القلق سمة بارزة في العصر الحديث، نتيجة التغيرات السريعة والمعقدة التي يشهدها العالم على مختلف الأصعدة.
فقد بات الإنسان يعيش في ظل أحداث متسارعة وظروف حياتية ضاغطة، مما جعله أكثر عرضةً للتوتر والاضطراب النفسي.
ويُعد القلق من أبرز الانفعالات الناتجة عن هذه التحولات، حيث يرتبط بشكل مباشر بالشعور بالتهديد والخطر المستقبلي.
وقد أشار بخاري (2020) إلى أن القلق لم يعد استجابة ظرفية مؤقتة، بل تحول إلى سمة ملازمة لهذا العصر المتغير.

أولًا: القلق كظاهرة نفسية

يُعرف القلق وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-5-TR بأنه حالة من التحسب المستمر للتهديدات المستقبلية، مصحوبة بمجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية مثل توتر العضلات، اليقظة الدائمة، الانشغال الزائد، صعوبة التركيز، الأرق، وسرعة التعب. وتُعد هذه الأعراض مؤشرات واضحة على التأثير العميق للقلق على الفرد ووظائفه اليومية.

وتشير الدراسات إلى وجود عوامل متعددة تسهم في نشوء القلق، منها العوامل الوراثية التي تتعلق باستعداد فسيولوجي في الجهاز العصبي يظهر عند التعرض للإجهاد، كما ذكر محزري (2021). كما تلعب أساليب التنشئة الاجتماعية دورًا حاسمًا في بناء شخصية الفرد وقدرته على التعامل مع الضغوط، حيث بيّن العواد (2023) أن الممارسات التربوية السلبية، مثل الحماية الزائدة أو الإهمال أو العقاب المتكرر، تزرع مشاعر القلق لدى الأطفال منذ الصغر، خاصةً في البيئات الأسرية المليئة بالصراعات والمشاحنات.

ثانيًا: قلق المستقبل

يمثل قلق المستقبل نوعًا خاصًا من القلق، إذ يرتبط بتوقعات الفرد حول ما قد يحدث لاحقًا من أخطار أو تهديدات، ويصاحبه إحساس بالخوف والشك واليأس، إضافة إلى ضعف الثقة بالنفس والشعور بعدم الأمان. ويعد قلق المستقبل قابلًا للإدراك العقلي، حيث يستطيع الفرد أحيانًا تحديد أسبابه، إلا أن وعيه بها لا يقلل من أثرها الانفعالي، بل قد يزيد من انشغاله بها. وقد أشار الحزمي (2024) إلى أن قلق المستقبل ينبع من فقدان الشعور بالسيطرة والقدرة على التكيف مع المجهول.

ثالثًا: النظرية المعرفية السلوكية في تفسير القلق

تُعد النظرية المعرفية السلوكية من أبرز الإطارات النظرية التي فسّرت القلق بشكل منهجي، إذ ترى أن أصل الاضطرابات الانفعالية، بما فيها القلق، يكمن في أنماط التفكير المشوهة أو غير العقلانية. ووفقًا لعدة منظّرين في هذا الاتجاه، مثل ألبرت إليس (Ellis) الذي ركز على الأفكار اللاعقلانية، وأرون بيك (Beck) الذي تحدّث عن الأفكار التلقائية السلبية، وميكنبوم (Meichenbaum) الذي أشار إلى التعليمات الداخلية، فإن الأفكار تلعب دورًا محوريًا في تفسير ظهور القلق.

يرى بيك (1976/2018) أن القلق يحدث عندما يقوم الفرد بسلسلة من التقديرات المعرفية للحدث، تبدأ بالحكم الأولي الذي يعرّف الموقف كتهديد، يتبعه تقييم للموارد المتاحة لمواجهة هذا التهديد، ثم مرحلة إعادة التقدير التي تتعلق بمدى شدة الخطر وسبل الاستجابة له. ونتيجة لهذه العمليات، قد يستجيب الفرد إما بالهروب أو بالمواجهة، اعتمادًا على تفسيره للموقف وليس على الحدث الموضوعي نفسه.

ويدعم هذا التوجه أيضًا فريمان (2012/2023)، الذي يرى أن القلق لا ينشأ من الحدث بحد ذاته، وإنما من تفسير الفرد لهذا الحدث، ومدى إدراكه لقدراته على التعامل معه. كما أن السياق والمزاج العام والخبرات السابقة تُسهم في تشكيل طريقة التفسير. وفي هذا السياق، يعتبر القلق مثل باقي الانفعالات الأخرى، ينتج عن تقييم داخلي شخصي قد لا يكون واعيًا دومًا، بل يعتمد على إشارات تلقائية تصدرها الحواس استجابةً لما قد يبدو كتهديد.

أما بارلو (Barlow)، فقد أشار إلى أن القلق المستقبلي يتولد من توقعات الفرد السلبية بشأن الأحداث القادمة، وقد يكون التهديد الذي يتوقعه الفرد واضحًا أو غامضًا، إلا أن الاستجابة تكون دائمًا مصحوبة بتوجس دائم يصعب التخلص منه. وهذا ما يجعل القلق حالة مستمرة تتسبب في اضطرابات متعددة في السلوك والانفعالات.
وتُؤكد نظرية هوفمان (Hofmann, 2011/2012) نفس الفكرة، حيث يرى أن مصدر القلق الحقيقي لا يكمن في الأحداث، وإنما في الطريقة التي نستقبل ونفسر بها هذه الأحداث. فالأفكار والتوقعات والافتراضات التي يحملها الفرد تجاه مواقف الحياة هي المسؤولة عن استجابته القلقة، وليس الموقف الموضوعي نفسه.

مثال:

“لن أتمكن من إيجاد وظيفة مناسبة، كل من تخرج قبلي لم يحصلوا على عمل، وإذا لم أجد وظيفة خلال الأشهر الأولى فإن مستقبلي قد انتهى”.

أنماط التفكير المشوّهة:

  1. التعميم المفرط (Overgeneralization):

“كل من تخرج قبلي لم يحصلوا على عمل.”
يقوم الفرد بتوسيع تجربة أو ملاحظة جزئية لتشمل كل الحالات دون وجود بيانات كافية. هذا النمط يُشعره بأن مصيره مشابه، مما يغذي مشاعر العجز والإحباط.

2.التفكير الكارثي (Catastrophizing):

“إذا لم أجد وظيفة خلال الأشهر الأولى فإن مستقبلي قد انتهى.”
يرى الفرد أن التأخر في إيجاد وظيفة، حتى لو مؤقت، يعني فشلًا كاملًا دائمًا. هذا التصور يُحدث حالة قلق مرتفعة ويعيق التفكير العملي والتخطيط الواقعي.

3.الاستنتاج العاطفي (Emotional Reasoning):

“أشعر بالقلق والإحباط، إذًا بالتأكيد لا يوجد أمل.”
يخلط بين المشاعر والحقائق، حيث يُستنتج من الانفعال السلبي أن الموقف بالفعل سلبي، رغم غياب دليل واقعي.

4.التفكير الثنائي (All-or-Nothing Thinking):

“إما أن أجد وظيفة فورًا، أو أنني فاشل تمامًا.”
هذا النوع من التفكير يُلغي كل الاحتمالات المتدرجة ويحول النجاح إلى معادلة صفرية، مما يزيد الضغط النفسي على الفرد ويحد من قدرته على التعامل المرن مع الواقع.
يظهر هذا المثال كيف أن الطريقة المشوهة في تفسير الواقع، وليس الواقع ذاته، هي التي تولد القلق، فالمعتقدات السلبية غير الواقعية عن الذات والمستقبل تخلق حلقة مغلقة من الانفعالات السلبية والسلوكيات غير التكيفية.

خاتمة:

يتضح من خلال العرض السابق أن القلق عامة وقلق المستقبل خاصةً هو حالة نفسية ناتجة عن تفاعل معقد بين عوامل وراثية، معرفية وبيئية. وتقدم النظرية المعرفية السلوكية تفسيرًا مقنعًا لهذا التفاعل، حيث تؤكد على أن أفكارنا وتوقعاتنا هي التي تحدد نوعية استجابتنا النفسية، لا الأحداث نفسها. إن إدراك هذه الحقيقة يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو التعامل الأفضل مع القلق، من خلال تعديل الأفكار غير الواقعية أو السلبية، وبناء تصورات أكثر اتزانًا وواقعية حول الذات والمستقبل.

المرجع:
السلمي، أريج عوض. (2024). جودة الحياة وقلق المستقبل لدى مرضى الفشل الكلوي الخاضعين للغسيل الكلوي وزارعين الكلى في ضوء بعض المتغيرات الديموغرافية. جامعة تبوك.

العلاج المعرفي السلوكي لاضطراب الوسواس القهري

2150229932

يُعد اضطراب الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية التي تتسم بوجود أفكار تطفلية متكررة (وساوس) تُثير القلق والانزعاج، وتدفع المصاب إلى ممارسة سلوكيات قهرية بهدف التخفيف من هذا القلق أو الوقاية من خطر محتمل. غالبًا ما تتعلق الوساوس بموضوعات مثل الخوف من التلوث أو الأمراض (كأن يخشى الشخص الإصابة بمرض أو نقله للآخرين)، أو الشك المرضي حول تنفيذ بعض المهام كنسيان إغلاق أحد الأجهزة المنزلية.

    ومن أكثر السلوكيات القهرية شيوعًا: التنظيف أو الغسل المتكرر، التحقق والفحص المتكرر، الترتيب، التكرار، وتكديس الأشياء. وبالرغم من أن معظم المصابين يدركون أن هذه الوساوس والسلوكيات غير منطقية أو مبالغ فيها (باستثناء بعض الأطفال)، فإنهم يشعرون بإلحاح داخلي لأدائها.

    تستهلك هذه الوساوس والسلوكيات القهرية وقتًا طويلاً (تتجاوز الساعة يوميًا غالبًا)، وتُسبب ضيقًا نفسيًا كبيرًا، كما تؤثر على القدرة الوظيفية للفرد في حياته اليومية.

    وعلى الرغم من تصنيف اضطراب الوسواس القهري سابقًا ضمن اضطرابات القلق، إلا أن التصنيفات الحديثة مثل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الإصدار الخامس (DSM-5) وتحديثه (DSM-5-TR) تضعه في فئة منفصلة تعرف بـ اضطرابات الوسواس القهري وما يرتبط بها، والتي تشمل أيضًا: اضطراب التشوّه الجسمي، اضطراب الاكتناز، اضطراب نزع الشعر، واضطراب نكش الجلد، وغيرها. 

العناصر الأساسية للعلاج المعرفي السلوكي (CBT) لاضطراب الوسواس القهري

.1 التقييم النفسي والتعليم وتحديد الأهداف

    تبدأ خطة العلاج بجمع معلومات تفصيلية حول طبيعة الوساوس والمحرضات والسلوكيات القهرية، بما في ذلك السلوكيات الذهنية غير الظاهرة وسلوكيات الأمان. يُطلب من المريض تتبّع وساوسه واستجاباته، ويُقدّم له شرح مبسط حول طبيعة الاضطراب وخطوات العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة. كما يتم الاتفاق على أهداف العلاج وتوقعاته، مع تهيئة المريض ذهنيًا لأسلوب العلاج.

. 2تعديل المعتقدات الخاطئة والتفسيرات المشوهة

    يركّز هذا الجزء من العلاج على الطريقة التي يفسّر بها المريض أفكاره التطفلية، وليس على وجودها بحد ذاته. تشمل المعتقدات الخاطئة:

  • اعتبار الفشل في منع الخطر معادلاً لارتكاب الضرر.
  • الربط بين عدم تنفيذ الطقوس والرغبة في حدوث الكارثة.
  • الاعتقاد بضرورة التحكم الكامل والمستمر في الأفكار.

يُعالج هذا من خلال إعادة هيكلة التفكير، والتقليل من أهمية هذه الأفكار، مع تجنب تعزيز السلوكيات القهرية كتطمين الذات أو محاولات إيقاف التفكير.

.3التعرض ومنع الاستجابة (ERP)

    يعتمد هذا الأسلوب على تعريض المريض تدريجيًا للمثيرات التي تُسبب له القلق، مع الامتناع عن أداء الطقوس القهرية. ويتم ذلك بطريقتين:

  • التعرض الواقعي: مثل لمس شيء يُعد ملوثًا ككرسي الحمام.
  • التعرض التخيلي: كأن يتخيل المريض سيناريو مخيف ويقرأه أو يسمعه مرارًا دون استجابة قهرية.

يُبنى تسلسل هرمي يبدأ من المواقف الأقل إزعاجًا إلى الأكثر صعوبة، ويتدرج فيه المريض حسب قدرته واستعداده. كما تُستخدم مقاييس القلق الذاتي (من 0 إلى 100) لقياس شدة القلق قبل وأثناء وبعد كل تمرين، مما يساعد في ملاحظة التغيرات التدريجية في شدة الأعراض.

  1. 4. الحفاظ على المكتسبات وإنهاء العلاج

    مع تقدم العلاج، يُشجع المريض على ممارسة التعرض بشكل مستقل ودمج المهارات المكتسبة في حياته اليومية. وتُعد جلسات المتابعة وخطط الوقاية من الانتكاس عناصر مهمة لضمان استمرارية التحسن، ويُوجَّه المريض نحو توسيع نطاق أنشطته اليومية مثل الهوايات، العمل، والعلاقات الاجتماعية، التي كانت محدودة سابقًا بسبب الاضطراب.

المراجع:

– American Psychological Association. Obsessive-compulsive disorder. In APA Dictionary of Psychology. https://dictionary.apa.org/obsessive-compulsive-disorder

– Cognitive Behavioral Therapy for Obsessive-Compulsive Disorder: A Review of Current Evidence. National Center for Biotechnology Information (NCBI). Cognitive-Behavioral Therapy for Obsessive-Compulsive Disorder – PMC

فرع مدينة جدة

السبت - الخميس

من 2:00 م - إلى 10:00 م

دعم ووقاية وعلاج

فرع مدينة تبوك

السبت - الخميس

من 9:00 ص - إلى 10:00 م