
يُعد اضطراب الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية التي تتسم بوجود أفكار تطفلية متكررة (وساوس) تُثير القلق والانزعاج، وتدفع المصاب إلى ممارسة سلوكيات قهرية بهدف التخفيف من هذا القلق أو الوقاية من خطر محتمل. غالبًا ما تتعلق الوساوس بموضوعات مثل الخوف من التلوث أو الأمراض (كأن يخشى الشخص الإصابة بمرض أو نقله للآخرين)، أو الشك المرضي حول تنفيذ بعض المهام كنسيان إغلاق أحد الأجهزة المنزلية.
ومن أكثر السلوكيات القهرية شيوعًا: التنظيف أو الغسل المتكرر، التحقق والفحص المتكرر، الترتيب، التكرار، وتكديس الأشياء. وبالرغم من أن معظم المصابين يدركون أن هذه الوساوس والسلوكيات غير منطقية أو مبالغ فيها (باستثناء بعض الأطفال)، فإنهم يشعرون بإلحاح داخلي لأدائها.
تستهلك هذه الوساوس والسلوكيات القهرية وقتًا طويلاً (تتجاوز الساعة يوميًا غالبًا)، وتُسبب ضيقًا نفسيًا كبيرًا، كما تؤثر على القدرة الوظيفية للفرد في حياته اليومية.
وعلى الرغم من تصنيف اضطراب الوسواس القهري سابقًا ضمن اضطرابات القلق، إلا أن التصنيفات الحديثة مثل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الإصدار الخامس (DSM-5) وتحديثه (DSM-5-TR) تضعه في فئة منفصلة تعرف بـ اضطرابات الوسواس القهري وما يرتبط بها، والتي تشمل أيضًا: اضطراب التشوّه الجسمي، اضطراب الاكتناز، اضطراب نزع الشعر، واضطراب نكش الجلد، وغيرها.
العناصر الأساسية للعلاج المعرفي السلوكي (CBT) لاضطراب الوسواس القهري
.1 التقييم النفسي والتعليم وتحديد الأهداف
تبدأ خطة العلاج بجمع معلومات تفصيلية حول طبيعة الوساوس والمحرضات والسلوكيات القهرية، بما في ذلك السلوكيات الذهنية غير الظاهرة وسلوكيات الأمان. يُطلب من المريض تتبّع وساوسه واستجاباته، ويُقدّم له شرح مبسط حول طبيعة الاضطراب وخطوات العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة. كما يتم الاتفاق على أهداف العلاج وتوقعاته، مع تهيئة المريض ذهنيًا لأسلوب العلاج.
. 2تعديل المعتقدات الخاطئة والتفسيرات المشوهة
يركّز هذا الجزء من العلاج على الطريقة التي يفسّر بها المريض أفكاره التطفلية، وليس على وجودها بحد ذاته. تشمل المعتقدات الخاطئة:
- اعتبار الفشل في منع الخطر معادلاً لارتكاب الضرر.
- الربط بين عدم تنفيذ الطقوس والرغبة في حدوث الكارثة.
- الاعتقاد بضرورة التحكم الكامل والمستمر في الأفكار.
يُعالج هذا من خلال إعادة هيكلة التفكير، والتقليل من أهمية هذه الأفكار، مع تجنب تعزيز السلوكيات القهرية كتطمين الذات أو محاولات إيقاف التفكير.
.3التعرض ومنع الاستجابة (ERP)
يعتمد هذا الأسلوب على تعريض المريض تدريجيًا للمثيرات التي تُسبب له القلق، مع الامتناع عن أداء الطقوس القهرية. ويتم ذلك بطريقتين:
- التعرض الواقعي: مثل لمس شيء يُعد ملوثًا ككرسي الحمام.
- التعرض التخيلي: كأن يتخيل المريض سيناريو مخيف ويقرأه أو يسمعه مرارًا دون استجابة قهرية.
يُبنى تسلسل هرمي يبدأ من المواقف الأقل إزعاجًا إلى الأكثر صعوبة، ويتدرج فيه المريض حسب قدرته واستعداده. كما تُستخدم مقاييس القلق الذاتي (من 0 إلى 100) لقياس شدة القلق قبل وأثناء وبعد كل تمرين، مما يساعد في ملاحظة التغيرات التدريجية في شدة الأعراض.
- 4. الحفاظ على المكتسبات وإنهاء العلاج
مع تقدم العلاج، يُشجع المريض على ممارسة التعرض بشكل مستقل ودمج المهارات المكتسبة في حياته اليومية. وتُعد جلسات المتابعة وخطط الوقاية من الانتكاس عناصر مهمة لضمان استمرارية التحسن، ويُوجَّه المريض نحو توسيع نطاق أنشطته اليومية مثل الهوايات، العمل، والعلاقات الاجتماعية، التي كانت محدودة سابقًا بسبب الاضطراب.
المراجع:
– American Psychological Association. Obsessive-compulsive disorder. In APA Dictionary of Psychology. https://dictionary.apa.org/obsessive-compulsive-disorder
– Cognitive Behavioral Therapy for Obsessive-Compulsive Disorder: A Review of Current Evidence. National Center for Biotechnology Information (NCBI). Cognitive-Behavioral Therapy for Obsessive-Compulsive Disorder – PMC